قصة الآية ابتدأت بطغيان فرعون مقابل موسي ، حيث كان يقتل الرجال ويترك النساء أحياء بلا قيم يقوم علي شؤونهم ، ومما قال فرعون ( ذروني أقتل موسي وليدع ربه إني اخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد ) ثم جاءت الآية التي بين أيدينا ... وقبل أن
نشرع في الإستفادة من الآية التي بين أيدينا ، لابد من توضيح دلالات مقالة فرعون هذه ، وهي لها عدة دلالات ... فلنبدأ:
1 - ذروني اقتل موسي
فرعون بجلالة قدره محتاج إذن وتفويض من المصريين وقتذاك لقتل موسي ، إذا أراد أن يقتله لكان قتله ولكنه لأنه يعلم أن لموسي ظهير شعبي فالشعب كله سيقوم عليه ، لذا يريد سماح وإذن بذلك .
2 - وليدع ربه
نسب الله - تعالي - لموسي وليس له . لا يؤمن بإله فهو الإله هكذا يزعم .
3 - لماذا يريد أن يقتله؟ سؤال وججيه ولابد للمصريين من مساءلته بهذا السؤال؟ لأنه يخاف ( مجرد خوف ) أن يبدل دين المصريين، وما هو دين المصريين ( تأليه فرعون في تلك الآونة ) ولعلمه أيضا ، أن المصريين بعملتيها ( النصرانية والإسلام ) - إن صح التعبير - متدينين بطبعهم ، من أكثر الشعوب تدينا بالفطرة من أيام مينا موحد القطرين ، والغريب أن فرعون يخاف علي دين المصريين أو إظهار الفساد في الأرض ، وهو من هو صاحب الإبتكار الأعظم في الفساد وإفساد حياة شعب بأكمله .
الآن الآية التي بين ايدينا
1 - وقال رجل مؤمن من آل فرعون
رجل مؤمن بالله من آل فرعون: شيء لا يصدق ، الإيمان بالله لا يحتاجج ملابس محددة أو سمت معين ، يحتا فقط لقلب مليء بالفكرة ، فهذا الرجل يعيش في وسط الأغنياء الأثرياء الفاسدين المطبلين لفرعون ، ومع ذلك لا يؤمن بالفرعون ويؤمن بالله وحده لا شريط له ، تفضلا: لا تحكم علي كل الملوك أو الوزراء أو المدراء في الشركات ...الخ بالفساد لأنه دائما وابدا ، هناك أحد مخفي في هذه الزوايا يكتم إيمانه، ولا يعلم نود ربك إلا هو.
2 - يكتم إيمانه
ولو أظهره لقتل بدم بارد ، فهذا الفرعون الطاغي يريد تفويض لقتل موسي ، وهو قتال قتلة من رال بني اسرائيل ، ولو أراد قتل هذا المؤمن بالله الكافر بألوهيته المزعومة لقتله بكل أريحية .
3 - أتقتلون رجلا يقول ربي الله
وهنا المؤمن حرك ساكنا ، وتكلم بما يدينه أنه مؤمن مثل موسي - عليه السلام - برب العالمين ، ولتعلم أيها القاريء الكريم: أن الإيمان بالله يظل في محبسه في صدرك أيام وشهورا بل سنين إلي أن يأتي له يوم يبدأ في الظهور فإن لم يظهر في الوقت المناسب فلا تتحدث عن إيمانك بالله كثيرا، فلتترك عملك هو من يتحدث عنك بصوت مرتفع .
4 - وقد جاءكم بالبينات من ربكم
يقصد موسي بالطبع ، وقد كانت مع موسي آيات صدقه في أن للكون إله غير الفرعون المزعوم .
5 - وإن يكن كاذباً فعليه كذبه
وهنا استخدم مؤمن آل فرعون طريقة القرآن في الجدال ( وهي الطريقة العقلية: توضيح الأمور والعواقب ) فالقرآن من عادته أنه لا يدغدغ لك مشاعرك من أل أن تؤمن ، لا بالعكس من ذلك تماما، يوضح لك طريق الخير والشر والعاقبة وأنت عليك الإختيار ، وهنا يقول مؤمن آل فرعون لو كان موسي كاذباً فعليه عاقبة الكذب ستعود إ وكأنه يقول إن الله لا يهدي كيد الكاذبين ، ألا تتذكر معي قول رسول الله - صلي الله عليه وسلم (( .... وكان متكأ فجلس وقال ألا وقول الزور والعمل به )) ثلاث مرات حتي قال الصحابة ليته سكت ، فالصدق منجي ، والكذب كما يقال أن تضحك علي احدهم بعض الوقت ممكن لكن أن تضحك علي كل الناس كل الوقت فهذا لا يمكن أبداً بحال من الأحوال
5 - وإن يكن صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم به
هذا المؤمن الفرعوني - إن صح التعبير - أي المنسوب ظلماً وزورا لفرعون نسبا لا قلبا وإيمانا ، بين ووضح العاقبة ، عاقبة الصدق: أن الصدق منجي كما يقال، فمن يصدق ويتحري الصدق بتحريات مكثفة لابد من وصول الصدق له بشكل من الأشكال ، ولابد من نجاته من شدة وهول ما يلاقي إن أصابته شدة .
6 - إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب
الله يهدي من يشاء، فهل في هذا ثمة محاباة ؟ حاش وكلا، بل الله - تعالي - يري فيك خصلة يحبها يصلح لك بها عملك كله ، وأكبرهذه الصفات التي يحبها الله في العبد صفة الصدق وعدم الإسراف في الأموال أو في الموارد أو حتي في المعاصي والآثام ، ولذا حديث رسول الله الذي أشرنا إليه أعلي ( إن المؤمن ليصدق ويتحري الصدق حتي يكتب عند الله صديقا ... ) والصِديق في اللغة: هو المبالغ في الصدق ، وكأنه يقوم بعمل تحريات عن كل كلمة يلفظ بها ، والكاذب عكس ذلك ( وإن المؤمن ليكذب ويتحري الكذب حتي يكتب عند الله كذابا ) والكذاب أول ما يقع من عين أحد فمن عين نفسه ثم من عين الله - تعالي - ولا يكتب كاذب بل كذاب أي منهججه وديدنه الكذب - عياذاً بالله -
في نهاية الآية الكريمة تفضل علي نفسك بالتالي:
1 - لا حكم علي إيمان أحد أو عدم إيمانه ، فمحله القلب ولا يظهر علي الحقيقة إلا عند إرادة الله .
2 - كتمان الإيمان في وسط ظالمين ليس عيب أو منقصة في مقدار إيمانك بل هو حيطة وحذر والله يقبل من عباده ما لا تقبله أنت أيها الخاكم علي غيرك بأحكام مُسبقة لعموم الأحداث الشارحة والمبينة لما أُشكل عليك .
3 - الصدق يمجي صاحبه من المهالك، والمذب يوقع صاحبه من المشارف
5 - الحُجة العقلية وتبيين العواقب من سمة المؤمنين المتقين، فقبل أن تحكم علي الآخرين: هل بينت لهم ؟ هل نصحتهم ؟ هل ارتدعوا أم لا ؟ قس إيمانك علي هذا .
والله أعلي وأعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق